رسالة إلى أميرة*
في مثل هذا اليوم (26 مارس) سنة 1981 أقدمت السلطات الحاكمة بدم بارد على إعدام قادة انقلاب 16 مارس الأبطال الذين هبوا لإنقاذ الوطن من القهر والإذلال وهيمنة العدو.
يومها رثاهم إمام موريتانيا الإمام بدأه ولد البوصيري - رحمه الله- من فوق أعواد منبر المسجد الجامع حين زفر قبل الخطبة زفرة المصدور وأنشد
أيا شجر الخابور ما لك مورقا كأنك لم تحزن على ابن طــــــــريف!
فتى لا يحب المال إلا من التقى ولا الـــــــــزاد إلا من قنى وسيوف
فكان جزاؤه الاعتقال والمنفى رغم سنه ومكانته.
أما أنا فرثيتهم من معتقل جماعي أقيم لجميع أطياف موريتانيا الرافضة للذل والهوان شمال لكصر بهذه القطعة:
شيخنا محمد سلطان
واقع البلاد اليوم شديد التعقيد ومستقبله ثقب أسود في دائرة حتمية التغيير، تغيير لا قوى تدفع به ولا ربان يقود سفينته، لكن في الوقت نفسه وقود التغيير يشتعل:
أسعار ملتهبة.
بطالة منتشرة.
هجرة في الاتجاهين،
شباب يهرب من واقع اليأس والحرمان، وطوفان مهاجرين يريدون العبور إلى مواطن الرفاهية الغربية، وغرب يصر على استيطانهم في ديارنا بالقوة الناعمة، وإن تطلب الأمر الخشونة فلن يتورع.
يبدو أن الردة الساحقة الماحقة التي جرت في موريتانيا بعد عرسها الديمقراطي الذي توَّجَهُ مهرجان تبادل السلطة بين رئيسين من الأغلبية منتخبين، يوم 1 أغسطس 2019، قد أحدثت زلزالا كبيرا في إفريقيا، وخلقت في بعض أقطارها هزات أعمق وأقوى مما خلقته في موريتانيا! إذ استيقظت فيها وساوس النكوص عن الديمقراطية لدى النخب الحاكمة، وبدأ التشكيك من جديد في صلاحية وملاءمة الديمقراطية للبيئة الإفريقية، وتسويغ الاستبداد والتشبث بالسلطة ملة، حتى لا يصار إلى ما صار إليه الرئيس محمد ولد عبد العزيز من طرف أغلبيته، وعلى يد أقرب المقربين منه! ونصَّب بعضهم أنفسهم ملوكا وأوصياء على الشعوب!
على دروب الهجرة
لا تسقني ماء الحياة بذلة بل فاسقني بالعز كأس الحنظل
ماء الحياة بذلة كجهنــــم وجهنم في العز أطيب مــــنزل.
كان العقيد محمد ولد اب ولد عبد القادر مفجر وملهم حركة مقاومة اختطاف وتركيع موريتانيا قد بادر بعد انقلاب 31 مايو واستيلاء بوليزاريو وحلفائها على السلطة في نواكشوط بتقديم استقالته من اللجنة العسكرية والحكومة ومغادرة الوطن المقهور، رافعا راية التمرد والمقاومة الوطنية؛ الفعل الذي شبهه الأمير والسفير بكار ولد أحمدو في رسالة مكتوبة بعث بها وبأحد أبنائه إلى العقيد الثائر بهجرة الجنرال ديغول إلى بريطانيا رافعا راية المقاومة باسم فرنسا الحرة لما استسلم المارشال بيتين للنازيين.