
نشر المقال في السادس من إبريل 2016، ونعيد نشره في الذكرى
الـ46 لوفاة المرحوم أحمد ولد بو سيف في حادث غامض.
قليلون هم الذين يتذكرون هذا اليوم التاريخي، أو يعلمون أنه كان يمثل أملا وطنيا في وضع نهاية مبكرة للانهيار الذي دشنه انقلاب العاشر 10 يوليو على كافة الصعد:
- السياسي: انهيار شرعية وسلطة وهيبة الدولة داخليا وخارجيا.
- العسكري: انهيار الجبهة، وتصدع وحدة الجيش، وانشغاله بالسلطة والمال، وسيطرة اللوبي المدني المنقلب على مقاليده.

ولد عيدّلها يروي أحداث حركة 16 مارس (ح4/4)
نقلنا آخر الليل إلى ما ظننته المشانق، وبعد حوالي ساعة من السير إذا بنا في الجريّدة مع إشراق الصباح، وإذا بالمحامين أمامنا. وهناك أخبرنا ابراهيم ولد مُخْتَيِّرْ بأن محاكمة ستجري بحضور المحامين ولن يجري إلا خير، وأبدى عسكريون امتعاضهم قائلين إن ما عوملنا به لم يسبق أن عوملت البوليساريو بمثله في السوء والخشونة.
بعد ارتفاع الضحى أدخلونا مصفدين إلى قاعة المحاكمة - وكان الكثير من الجنود يبكون- وبدؤوا النداء بأسمائنا، وكانت الإجراءات مشددة، وكان أحمد سالم يشجعنا – نحن الشباب- بقوله: إنما هي رُصَيِّصَةٌ ولن يشعر بها أحد! ولم يتح لنا اللقاء مع محامينا إلا أنني رأيت يعقوب جلو في "لاندروفر" عسكرية. وقد آزرنا فريق من أبرز المحامين، منهم – بالإضافة إلى يعقوب جلو- محمد شين وأحمد ولد يوسف ولد الشيخ سيديا وحمدي ولد المحجوب وبال وجكنا.. وآخرون. ولم يألوا جميعا جهدا في الدفاع عنا.

ولد عيدّلها يروي أحداث حركة 16 مارس (ح3 / 4)
عبرنا النهر إلى بلادنا فوجدنا بانتظارنا ثلاث سيارات لاندروفر من النوع الذي يستخدمه الجيش بموريتانيا وقد صبغت بألوان التمويه المستخدمة لدى الجيش كذلك، وعلى متونها ثلاثة أشخاص في زي مدني ولكن يبدو أنهم ضباط جاؤوا من الداخل لأنهم قدموا التحية العسكرية إلى قيادتنا وسلمونا السيارات وانصرفوا مصطحبين الثياب المدنية التي كنا نرتديها بينما ارتدينا نحن الزي العسكري، وكانت قد قدمت إلينا مع أسلحتنا ثياب مطابقة لما يرتديه الجيش الموريتاني، وبما أن قائدينا معروفان فقد تقنع كل منهما بلثام، بينما ظلت البقية سافرة الوجوه وتعتمر قبعات فقط. ولم يضع الضباط منا ما يشير إلى رتبهم العسكرية، وهو عرف متبع في مثل هذه الحال.. وانطلقنا بكامل أهبتنا العسكرية.

ولد عيدّلها يروي أحداث حركة 16 مارس (ح2 / 4)
بين الجريمة والبطولة
إبراهيم فال: كما قلت لكم قائدا الانقلاب لا يرغبان في أن تسيل قطرة دم موريتانية؛ ويفضلان أن يكون الانقلاب بواسطة الموريتانيين الأصيلين؛ لا غيرهم.
وهناك مسلمة؛ وهي أنه لم يحدث انقلاب إلا وخلفه دولة أجنبية؛ بعد 1978 حدث حوالي عشرين محاولة انقلابية؛ كلها مرتبطة بالخارج؛ وكما تعلم عندما ينجح الانقلاب يكون منفذوه أبطالا ويسمى حركة تصحيحية، وعندما يفشل يكون القائمون به عملاء وخونة!
الانقلاب على ولد هيداله لم يكن لينطلق من موريتانيا لأن الجميع يتوجس؛ الأب يراقب ابنه والابن يتجسس على والده.. هناك قصة أرويها لك؛ وهي أن شخصا اختطف من السنغال ولم يفق إلا وهو في الهندسة العسكرية، وعذب عذابا نكرا؛ من اعتقله يعرف نفسه.