الكلمة الافتتاحية
ذ. محمدٌ ولد إشدو
أصحاب المعالي والسعادة،
أيها المدعوون الكرام،
أيها السيدات والسادة،
يشرفني أن أرحب بكم في هذا الجمع الذي نعرض فيه ونوقع اليوم قصة لقاء تاريخي بدأت خيوطه تنمو وتتشابك في صدر القرن العشرين على أديم مهجر الجارة العزيزة السينغال، بين المشرق العربي والمغرب العربي؛ وخاصة بين موريتانيا والشام! تلكم هي سفارة الأرز التي تجسدت في الكتاب الذي نجتمع اليوم من أجله.
ثلاثة عوامل كانت وراء إنجاز هذا العمل المتواضع؛ وهي:
1. توثيق وتثمين الدور الرائد الذي لعبته الجالية الشامية عموما، واللبنانية خصوصا، برعيليها الأول والثاني في النهوض بالثقافة والأدب في موريتانيا، والعمل على خلق أسباب نشوء وارتقاء ورسوخ صرح الدولة الموريتانية؛ وذلك من خلال التنويه بالكيان الموريتاني الوليد والدعاية له في المشرق، ودعمِ وإسنادِ وتوجيهِ شباب الستينيات الرائع! ويتم هذا التوثيق والتثمين "حسوا في ارتغاءِ" تأبين مستحق لفارسين من فرسان ذلك المهجر الكريم ترجلا أخيرا في هدوء وصمت رحمهما الله؛ وكان لهما فضل كبير على موريتانيا!
2. توثيق وتثمين الدور الذي قام به العالم الجليل والأديب والشاعر والباحث، الشيخ المختار بن حامدٌ، أبو الثقافة والبحث والتوثيق في موريتانيا الحديثة؛ فلطالما غُمط الرجل حقَّه وجُحِد فَضْلُه! وكم كنت سعيدا عندما قال لي أخي وصديقي ورفيقي الأستاذ الشاعر أحمدُ ولد عبد القادر وهو يتصفح مسودة هذا العمل: أنت وحدك من أنصف هذا الرجل ووفاه بعض حقه!
3. تذكير الخلف الصالح - والذكرى تنفع المؤمنين- بالظروف القاسية التي اكتنفت نشأة الدولة الموريتانية؛ بانتصاراتها وانتكاساتها وتعرجات مسارها المضطرب من يوم استقلالها في 28 نوفمبر 1960 إلى عرس التداول السلمي للسلطة يوم 01 أغسطس 2019 حين اعتقدنا أن سفينة الوطن قد نجت من العواصف واستوت على الجوديّ! وما كان للإيمان والصبر والصدق والقناعة والإيثار من مفعول سحري في ابتكار الحلول وتذليل الصعاب وقهر العقبات الكأداء.. وذلك من أجل ترميم جدار الذاكرة الوطنية قبل أن ينقض، ودحض محاولات تحريف التاريخ المشهود في سبل الهوى! فما ترونه اليوم - أيها الشباب- لم يحدث صدفة، ولا طفرة، أو يأت من عدم! بل كان ثمرة معاناة كبيرة وتضحيات جسام تم نسيانها تماما، ونسيان جنودها المجهولين والمتجاهَلين في خضم طغيان الفساد والعصبية والجهوية والإتنية والشرائحية، وهول العولمة المقيتة! فاتقوا الله في موريتانيا وفي الإنسانية جمعاء! إنهما أمانة في أعناقكم، فلا تضيعوا أمانتكم!
لقد كان هذا مبلغ جهدي! وهو الآن بين أيديكم، وملك لكم. ولم يعد لي عليه سلطان!
ولي رجاء أخير: "ومنشد جدلا، كقائل جدلا":
"شعَرت بشيء فكـــــــونت شيئا ** بعَـــــفْوية، دون أن أقصِـــــــدا
فيا قارئي.. يا رفيق الطـــــــريق ** أنا الشفتان.. وأنت الصـــــــدى
سألتــــــك بالله.. كـــن ناعــــمـــا ** إذا ما ضممت حروفي غــــــدا
تــــذكّر.. وأنت تــمر علــــــيهـــا ** عذاب الحروف.. لكي تـــوجدا
سأرتاح.. لم يـــــك معنى وجودي ** فضولا.. ولا كان عمري سدى
فمــــا مـات مــن في الـــــزمــان ** أحبــــب ولا مـــات مـن غردا"
أشكركم.. والسلام عليكم.
انواكشوط 04 /12/ 2021
.
أربعاء, 2021/12/08 - 08:36