في ملف اتهام الرئيس محمد ولد عبد العزيز (1/ 2)
(ملخص عرض منسق هيئة الدفاع في مؤتمرها الصحفي حول الملف يوم 10 /3/ 022)
تنصرم اليوم سنة كاملة على إحالة النيابة العامة وضبطيتها القضائية لملفها ذي الرقم 001/ 2021 أمام القضاء؛ وهو الملف الذي تتهم فيه الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وآخرين بالفساد!
وخلال هذه المدة الطويلة لم يحرك القضاء ساكنا معتبرا من أجل القيام بدوره الذي خلق من أجله؛ وهو إظهار الحقيقة، وإحقاقها، وإزهاق الباطل! بل تمادى واستشرى في ظله ظلم واستهداف واضطهاد الرئيس السابق بالباطل، الذي دأبت عليه النيابة العامة وضبطيتها القضائية منذ الوهلة الأولى لهذه الفتنة، تنفيذا لتوجيهات السلطات العليا التي تأتمر بأمرها! ولم نلاحظ في يوم من الأيام وجود فرق - مهما كان نوعه- بين ما جرى من ظلم وانتهاك لحقوق موكلنا المنصوصة في الدستور والقوانين أثناء فترة البحث الابتدائي المغرض، والتكييف التعسفي والاتهام بالباطل من طرف النيابةِ المتهِمة المأمورة، وبين عمل جميع درجات القضاء الذي يفترض – ويجب- استقلاله وحياده وعدله!
وبانصرام السنة انتهت - غير مأسوف عليها- مدة المراقبة القضائية الظالمة الباطلة التي فرضت على ضحايا هذا الملف، ونرجو أن تنتهي معاناتهم الفظيعة أيضا.
وبهذه المناسبة ها نحن نتوجه إلى الإعلام لنبين له - وللرأي العام من خلاله- حقيقة هذا الملف الكيدي الباطل! وذلك وفاء لحق المواطن في الإعلام الحق، الذي تكرسه جميع القوانين، ودفاعا عن حقوق موكلنا المنتهكة بالباطل ظلما وعدوانا.
وبما أن نشأة وتطور هذا الملف مرت بمراحل أربع هي:
1. فتنة مرجعية الحزب الحاكم.
2. "لجنة التحقيق البرلمانية وتقريرها الفضولي".
3. عمل النيابة وضبطيتها القضائية.
4. عمل القضاء.
فإن حديثنا سيكون عن هذه النقاط تباعا!
1. "فتنة المرجعية". نحن نتذكر جميعا ما جرى بعد عودة الرئيس السابق، إلى أرض الوطن، وزيارته العادية لمقر الحزب الحاكم. فقد رأت عصبة سياسية واجتماعية معروفة الهوى والارتباطات الداخلية والخارجية في قيادته للحزب الحاكم خطرا على مصالحها واستمرارا لنهج الإصلاح والبناء الوطني ومحاربة الفساد والمفسدين الذي ناصبته العداء طيلة عشريته، فاختلقت فتنة "مرجعية الحزب الحاكم" وجعلت منها "سرابِ" (ناقة البسوس) فَرَّقت بها بين الرجلين اللذين قام على وحدتهما النظام الوطني في موريتانيا، وشتتت شمل الأغلبية الوطنية، وفكَّت قبضتها على السلطة، وأبعدت الرئيس السابق عن التأثير في المشهد السياسي، فتسنى لها الاستحواذ على رئيس الجمهورية، ومن خلاله على الحكم! لقد نشأ الشكل الجنيني لهذا الملف من رحم "فتنة المرجعية" حين "وافق شن طبقة" ووجدت دعوة نواب "المعارضة" آذانا صاغية لدى "نواب" الأغلبية لتمرير انقلاب برلماني على الشرعية والدستور، وتكريس عودة حكم الفساد!
2. "لجنة التحقيق البرلمانية" وتقريرها. لقد قلنا وكتبنا الكثير عن "لجنة التحقيق البرلمانية" التي زعم الإعلام المغرض أنها سلطة مقدسة تمثل الشعب، لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، وعن تقريرها الفضولي الباطل. وما زال لدينا الكثير مما يقال فيهما. ويمكن تلخيص رأينا فيهما فيما يلي:
أولا. أن تلك اللجنة الصورية تشكلت بأمر وتوجيه ومباركة من السلطة التنفيذية في ظل "فتنة المرجعية".. وبالتالي فهي "لجنة تحقيق تنفيذية" وليست "لجنة تحقيق برلمانية".
ثانيا. أن تشكيلها خرق سافر للدستور. وخرق الدستور خيانة عظمى وفساد في الأرض.. فالدستور الموريتاني لا يبوب في مواده المتعلقة بتنظيم العلاقة بين السلطتين التنفيذية والبرلمانية (المواد من 45 إلى 77) على تشكيل لجنة تحقيق برلمانية تحقق في تسيير الحكومة القائمة ورئيس الجمهورية الممارس، أحرى أن تحقق في تسيير حكومة منصرفة ورئيس سابق، وقد تم تحريف المادة 72 من الدستور التي اعتُمِدَتْ في تشكيل تلك اللجنة حسب ما ورد في ديباجة تقريرها، وأسيء فهمها؛ فهي لا تخول البرلمان " حسب الصيغ الواردة في القانون" غير أن تقدم له الحكومة القائمة الإيضاحات المطلوبة تحت قبة البرلمان! ولا رقابة للبرلمان على رئيس الجمهورية الحالي أو السابق، ولا على الحكومات المنصرفة. أما النظام الداخلي للبرلمان فلا عبرة به هنا، لأنه ليس قانونا؛ بل نظام داخلي بيني. وفي مادة تنظيم العلاقة بين السُّلَط، لا مجال للاجتهاد والقياس؛ بل يطبق النص الدستوري كما هو. وهنا يكمن خطأ وخطل المبطلين المتلفعين بأحكام الدستور الفرنسي في موريتانيا!
ثالثا: أن تقريرها فضولي (صادر من غير مختص) وهش (خال من الأدلة) وباطل بسبب بطلانها، ولا توجد آلية قانونية لإحالته إلى أي جهة غير سلة المهملات.
رابعا: أنها في تقريرها لم تتهم الرئيس السابق بشيء، رغم عداوة أعضائها؛ لأنها لم تجد دليلا ضده. ولما حاول بعض غُلاتها اختلاق دليل كاذب من زعمه بيع جزيرة تيدره لأمير خليجي افتضحت محاولته بسرعة البرق! فتقرير "لجنة التحقيق البرلمانية" الذي بأيدينا لا يوجه في صفحاته الـ364 أي اتهام للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز؛ خلافا لما روجه الإعلام الأصفر والذباب الإلكتروني متعدد الولاءات!
خامسا: أن النيابة اتخذت تقرير "لجنة التحقيق البرلمانية" أساسا وطُعما لملفها المختلق، بعد أن بخّسته أيما تبخيس وقالت فيه ما لم يقل مالك في الخمر؛ ثم رمته في أدراجها ولم تحله إلى التحقيق لأنه يخذل أهدافها.
وفي ختام هذه النقطة، سوف نعزز ما ذكرناه بعنصرين هما:
- شهادة نائب رئيس "لجنة التحقيق البرلمانية" الوزير الأول الأسبق والنائب والأستاذ يحي ولد الوقف المنشورة في موقع "الأخبار" والتي يقول فيها: "عندما ينظر الإعلام إلى التقديم الذي قدم به النواب عملهم يرى أنهم لم يتكلموا عن العشرية، ولا عن النظام، ولا عن الرئيس. تكلموا عن قطاعات معينة يريدون التحقيق فيها. ثم إن رئيس الجمهورية ليس مسؤولا بشكل مباشر عن التسيير؛ فالدستور واضح في أنه لا تمكن متابعته حول تسيير أي مرفق من المرافق العمومية. فحسب الدستور لا تمكن متابعته إلا في حالة الخيانة العظمى. فالإعلام ركز على العشرية وعلى النظام؛ في حين أن ما يسعى إليه النواب هو قيام البرلمان بدوره في رقابة الحكومة سواء كانت هذه الحكومة أو الحكومات السابقة. وبالتالي يظهر لي أن الإعلام أخرج اللجنة من نسقها الحقيقي".
- مقتطفات من رسالة وكيل جمهورية انواكشوط الغربية رئيس قطب النيابة، إلى المدعي العام حول تقرير "لجنة التحقيق البرلمانية" وقد تم تسريبها، ومما جاء فيها:
* في بعض الجوانب كانت المعلومات ناقصة جدا، واعتمد جزء من التحليل المقدم على وثائق جزئية، وصحتها مفترضة فقط!
* لم يتنبه المحررون إلى أن قانون مكافحة الفساد مثلا لا ينطبق إلا على الوقائع التي تلت دخوله حيز التنفيذ في 2016، ولا يعني ذلك وجود فراغ قانوني، لوجود قوانين جزائية أخرى مثل قانون العقوبات، لكن بميزات أقل.
* مع إمكانية شمول التقادم لبعض الحالات!
* أن النسخة العربية مترجمة ترجمة غير جيدة، وبعض فقراتها يصعب فهمها بسبب أخطاء في الصياغة.
* إعطاء الوصف الجنائي للوقائع، وتحديد المسؤوليات من اختصاص القضاء، وسيكون الرجوع إلى تقرير اللجنة بهذا الخصوص على وجه الاستئناس فقط.
* ولا بد من الإشارة هنا إلى أن أهم نتيجة ترجى من فتح ملفات الفساد هو استرجاع الدولة لأكبر قدر ممكن من الأموال العمومية المنهوبة، والتركيز على هذا الجانب قد يخفف بعض ضغط الرأي العام المتابع".