التطير (ب)
كان أحدهم إذا أراد السفر اختار يوما يراه ميمونا (كثيرا ما يكون الاثنين) وبث في طريقه أشخاصا مختارين ذوي منابت طيبة وأسماء حسان الدلالة، وخصوصا الأخير منهم. ومرة أراد السفر فعمل ما يعمل في العادة، وتعمد أن يكون آخرهم مراهقا شديد الاتصاف بما يتفاءل الرجل به (لكنه مشاكس!).
مر بالأول فسلم عليه وسأله: من أنت؟ فأجابه: أنا محمد محمود بن اعلي سالم، فقال: الحمد لله، حَمدنا وحُمِدنا وعلونا وسلمنا، ثم مر بالثاني كذلك فازداد انشراحه ونشط إلى بغيته، وحين ألقى سؤاله التقليدي على الثالث لم يذكر اسمه ونسبه الحقيقيين وإنما أجابه أنه فلان الفلاني، وسمى رجلا من أسوأ الناس دينا، كان فتيان القوم إذا أرادوا طرده تداعوا للصلاة فينسحب دون مقدمة!
عاد الرجل وحط رحله وقيد بعيره وألغى سفره واكتفى من الغنيمة بالإياب لمجرد ذكر اسم غير محبب إليه. ولله في خلقه شؤون!