رمضان كما عشته (5)

 

محمدُّ سالم ابن جدُّ

حين يقترب المغرب تترع أواني يَطَّه من الشراب (الزريق الرائب) تعلوه بقايا زبدة صغيرة لم تتمكن صاحبة الشأن من أسرها فبقيت في منشئها. ولا أذكر أن السكر كان يضاف للشراب. كما تفور البغارج وتدنى الكوانين استعدادا للأذان.

لم يكن من المستساغ الشاي بالماء العادي، وإنما كانوا يغلونه ثم يصبون قدر الحاجة من الشاي في الإبريق (أبراد) ويصبون عليه المقدار المناسب من الماء فأسمع للشاي عند سكب الماء المغلي عليه صوتا مهموسا يشبه الشكوى الخافتة. ولا يحتاج "أبراد الأول" للنار والحال كما ووصفت، وإنما يضعون السكر ويصبون كأسا جاهزة دون تسخين ولا مراغاة، وربما أقيمت الصلاة قبل ذلك فقاموا إليها وتركوه موضعه دون تحريك تجنبا لزيادة تركيز الشاي، ثم عادوا إليه وسخنوه قليلا (شهَّروه بتعبيرهم) ثم صبوه.

لحظة خاصة كان لها وقع غريب في نفسي: حين يخرج المؤذن (لم يكن شخصا بذاته، وإنما كان أي رجل، وقد يكون الإمام نفسه) يكور عمامته ويخطو بسكينة إلى المصلى ثم يقف على مرتفع ويعلن النداء الإلهي مشعرا بحلول الليل ووقت الصلاة.