محمدُّ سالم ابن جدُّ
في سنة 1979 انضممت إلى ركب الصائمين استباقا وافتعالا، ولذلك قصته؛ ففي العامين السابقين (1977، 1978) بلغ كبار أصحابنا فصاروا ينظرون إلينا باستصغار، وبحكم مولدي فأنا إلى صغارهم أقرب من كبارهم، لكني لم أرض التسليم بالواقع والبقاء مع صغار "عصري" في طور المراهقة وفضلت التشبه بالكبار بدلا من ذلك.
لم يأمر أبي – حفظه الله- ولم ينه، وحاولت أمي – رحمها الله- ثنيي فأصْرَرْتُ على قراري "السيادي" وفي النهاية تركتني وما أردت، أغدو صائما لغير طاعة وأبيت ساهرا إلى السحر.
كنا حوالي 10 أفراد من "عصرنا" وكان الوقت نهاية الصيف وبداية الخريف (أياما من يوليو ومعظم أغسطس) ونحن بالبادية، وكل ليلة نكون في ضيافة أحدنا، وربما كسرنا الرتابة بمطاردة الحمر المستنفرة وركوبها، وأحيانا بالمصارعة، أو غير ذلك. فإذا اقترب الصبح انصرف كل منا إلى أهله وأيقظهم وتسحر وإياهم، ومنا من ينام إلى ارتفاع الضحى ومن ينام إلى طلوع الفجر.
بعد العاشرة نبدأ لعب "السيگ" أو "ظامه" إلى الظهيرة ثم نتساقط نياما إلى العصر، ومنا من يتجاوزه. وقبيل الغروب ينصرف كل إلى شأن أهله، وبعد التراويح يتجدد اللقاء.
سارت الليالي والأيام على هذا النحو فأرضيت طموحي بالانضمام إلى قائمة الكبار، وشهدت أمي – رحمها الله- مشهدا طالما تمنته وأنا أصوم معها رمضان المرة الأولى والأخيرة؛ فقد توفيت في ذي القعدة التالي!
ثلاثاء, 2023/03/28 - 10:12