رمضان كما عشته (14)

 

محمدُّ سالم ابن جدُّ

حتى عام 1994جرت عادة لجنة الأهلة بإعلان الهلال أثناء النهار، وكان من الصعب على العوام فهم الفرق بين الوجوب والصحة، ومن ثم الاقتناع بإمساك ساعات لا تغني عن قضاء اليوم، فهم يرون الأمر اجتزاء ولا يجدون في أنفسهم حاجة للتعلم.

إذا تعلق الأمر بالفطر تبرز مشكلة أخرى لكن انتشارها أقل؛ فمن غير النادر وجود من يرفض الإفطار يوم التاسع والعشرين، متورعا – حسب رأيه- من الاقتصار على ثمانية وعشرين يوما وكأن تحريم صوم يوم الفطر مربوط بعدد ما صيم قبله!

آخر مرة حدث فيها ذلك - حتى الآن- كانت سنة 2004 فيما أظن. نزلتُ إلى أضاة على طريق القوارب للوضوء للمغرب، فانتبهت لهلال رجب منطبعا في صفحتها، رفعت عيني إلى الأفق فرأيته بجلاء ورآه غيري في أماكن أخرى، لكن اللجنة لم تجتمع قبل رمضان، وبعد ستين ليلة صليت التراويح وأمرت أهلي بتبييت النية، وبدأ رمضان السلطات بعدنا بيوم.

صمنا تسعة وعشرين يوما وصاموا ثمانية وعشرين فرئي الهلال في بقاع مغضوب عليها رسميا وبعض رموزها وراء القضبان آنذاك، وذاع الخبر متواترا فأصبح الناس مفطرين (ومن بينهم أئمة الجوامع الكبرى) ومنعت الشرطة صلاة العيد رافضة رؤية الهلال، لكن لم يلتفت إليها أحد باستثناء قلة صامت يوم الفطر "تحرجا" من الإفطار قبل 29 يوما.

في الليلة التالية أعلنت اللجنة "ثبوت رؤية هلال شوال (تلك الليلة) وأن صلاة العيد ستقام غدا" في الزمان كذا والمكان كذا، دون أن تنسى التأكيد على مقامات أعضائها العلمية وعدم حاجتها إلى صوم أحد ولا إفطاره. لكن البيان لم يجد من ينتظر صدوره. في العاصمة على الأقل.