رمضان كما عشته (15)

 

محمدُّ سالم ابن جدُّ

على مدى سنوات من شبابي دأبت على التسحر بالعصيدة (العيش) شأني شأن الكثير ممن حولي، فعرفت تأثيرها الإيجابي في دفع الشعور بالعطش وتهدئة الجهاز العصبي. قد يقول قائل معاصر إن "العيش" يرفع الحموضة، أو قليل القيمة الغذائية.. أو نحو هذا من أقاويل كثيرا ما تصدر عن غير مطلع.

في تلك الأيام لم أكن أسمع ذكر "المحور" إلا عند الحوامل (أكرمكم الله) وزيادة على ذلك كنا نشرب الشاي مع "العيش" دون خوف من أي عرض أو شعور منغص. على أن هذا التأثير (زيادة الحموضة) لا يقارب ما يتصف به "كسكس" بالنظر إلى محتده أولا (القمح) وما يغلب من استخدام مزع من الجوف معه ثانيا، وما قد يؤدم به من دهن ثالثا.

يبقى الفقر الغذائي؛ وهو ما ينعدم عند إضافة اللبن إلى "العيش" حيث تسد المواد الحيوانية ثغرات نظيرتها النباتية فيحصل تكامل وائتلاف قلما يوجد في طعام آخر، ويربح "المُجَوْرِف" هدوءا وسكينة نفسية، وراحة للمعدة، وسلامة لعموم الجهاز الهضمي.

وقد لخص بعض الناس موقفا غير محايد من "العيش" تمثل في قولهم إنه "ما فيه لعظام" وقولهم إن "أوله عيش وآخره عيش".