محمدُّ سالم ابن جدُّ
ذات مساء علمت بنقص لم أتوقعه في بعض المواد الضرورية، وكان الباقي من النهار قرابة ساعة. نهضت عجلا للبحث عن نقود لسد الخلة المفاجئة، ولم أجد صعوبة في تذكر من أتجه إليه فلي صديق عزيز تاجر بالسوق لا أشك في وجود حاجتي لديه وسروره بإقراضي إياها ريثما تنفرج الأمور.
بادرت إليه فإغلاق السوق في رمضان لا يتأخر وحاجتي لا تقبل التأجيل، وما زال أمامي التسوق، وجئته وقد أبرز رزما من الأوراق النقدية يرتبها استعدادا للانصراف إلى منزله.
أقبل علي مرحبا كعادته وحافزا على ذكر حاجتي، لكني لم أزد على السلام وانصرفت بهدوء وكأنما مر الطريق بي عليه. لقد حكم علي منظر النقود بعدم طلب حاجتي، خشية أن يظن رؤيتها دفعتني لطلب بعضها جشعا وطمعا فيما عند الغير. وطيّب نفسي أن أحد معارفه مر به -أثناء وقتي معه- فرأى ما رأيت فلم يبرح حتى حصل على بعضه!
لم أتذكر غيره ممن أقبل الالتجاء إليه، مع أنه لم يبق من الوقت ما يسمح بالتصرف فعدت من حيث أتيت قانيا عفافي وحيائي، راضيا بأن يكون النقص في المال لا في العرض والأخلاق. والله أعلم كيف سويت مشكلتي لكن الله يسر أمرها. ﴿إنه كان بي حفيا﴾.