مرافعة سوية في "ملف فساد العشرية"! (6)
ثانيا: ماهية المادة 93 من الدستور الموريتاني
إن نص المادة 93 من دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية هو التالي: "لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى. لا يتهم رئيس الجمهورية إلا من طرف الجمعية الوطنية التي تبت بتصويت عن طريق الاقتراع العلني، وبالأغلبية المطلقة لأعضائها. وتحاكمه في هذه الحالة محكمة العدل السامية.
الوزير الأول وأعضاء الحكومة مسؤولون جنائيا عن تصرفاتهم خلال تأدية وظائفهم، والتي تكيف على أنها جرائم وجنح وقت ارتكابها، وتطبق عليهم الإجراءات المحددة أعلاه في حالة التآمر على أمن الدولة، وكذلك على شركائهم.
وفي الحالات المحددة في هذه الفقرة، تكون محكمة العدل السامية مقيدة بتحديد الجرائم أو الجنح وكذا تحديد العقوبات المنصوص عليها في القوانين الجنائية النافذة وقت وقوع تلك الأفعال".
إن هذا النص الصريح الواضح وضوح الشمس في رابعة النهار يتكون من ثلاث فقرات سنتناول أولاها لعلاقتها بالموضوع؛ وهي التي تتعلق بحصانة رئيس الجمهورية، أو "الوضع القانوني" له كما تقول الاستشارة، وتتكون من ثلاثة بنود هي:
- أن رئيس الجمهورية لا يكون مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى!
- وأنه لا يتهم إلا من طرف الجمعية الوطنية التي تبت بتصويت عن طريق الاقتراع العلني، وبالأغلبية المطلقة لأعضائها!
- وأنه تحاكمه في هذه الحالة محكمة العدل السامية!
أما الفقرتان الثانية والثالثة، فتتعلقان بالوضع القانوني المختلف للوزير الأول وأعضاء الحكومة، وتضعان بوضوح وتفصيل كل الضمانات الكفيلة بحماية حقوقهم، وتمنحانهم امتيازا قضائيا يجعلهم في منأى عن القضاء العادي!
فأين ما يجري الآن من تهم باطلة، ومن متابعات تعسفية ظالمة ومعتدية، وحبس جائر وشيطنة واضطهاد، واستشارات واجتهادات وفتاوى "قانونية" مما نصت عليه المادة 93 من الدستور بكل صراحة ووضوح؟!!
وقبل أن ننهي الحديث في هذه المسألة، نريد أن نعلق على نصيحتين ثمينتين قدمهما إلينا بعض زملائنا في دفاع النيابة؛ وهما أنه كان علينا أن نطرح دستورية المادة 93 على المجلس الدستوري. ولعلهم يريدون من وراء ذلك جعلنا أغبياء حين نسأل المجلس الدستوري عما إذا كانت مادة من الدستور دستورية؟ والثانية هي أن نطعن في دستورية المادة 2 من قانون الفساد. وذلك ليؤكد المجلس الدستوري دستوريتها، ونكون بطعننا قد أنشأنا رابطة بيننا وبينها! في حينَ أنه لا علاقة لنا بتلك المادة! فنحن لا ندافع عن موظف عمومي؛ بل ندافع عن رئيس جمهورية تحصنه المادة 93 من كل مساءلة. وتحظر عليه المادة 27 من الدستور ممارسة أي وظيفة عمومية! فشكرا لزملائنا! وإن كان الأحمق في شأنه أدرى من العاقل في شأن غيره!
يتبع