مرافعة سوية في "ملف فساد العشرية"! (22)
ثالثا: كيدية واختلاق وتدليس وتزوير الدعوى والغش فيها
{يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا} (النساء 135)
... {ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} (الأنعام 30).
الذيــن يبلغون رسالات الله ويخشونـه ولا يخشون أحــدا إلا الله وكفــى بالله حسيبــا (الأحزاب 39).
سيدي الرئيس،
السادة أعضاء المحكمة الموقرة،
إن هذه الدعوى التي ملأت الدنيا وشغلت الناس وخَرَبت البيت الموريتاني أربعا عجافا، هي دعوى سياسية كيدية مختلقة وملفقة ومن النوع الذي لا يسمع، كمن ادعت على الشيخ بداه رحمه الله أو على أحد أقرانه ارتكاب الفاحشة! وذلك فضلا عما يكرسه الدستور الذي هو القانون الأسمى للبلاد من حصانة لمن وجهت إليه التهم الباطلة قبل غيره، ومن امتياز قضائي يجعلكم غير قضاته الطبيعيين.
وإليكم تجليات ذلك. كيف بدأ، وكيف اكتمل إحكام حلقاته المختلقة الرهيبة.
إن الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي تتهمه النيابة ودفاعها اليوم ظلما وعدوانا بما لذ لهم وطاب من تهم، ويرتكب بعضهم ممن كانوا ينافقون له بالأمس كل أنواع الإهانة والتجريح بالباطل في حقه، وتحاكمه محكمتكم التي لا سلطان قانوني لها عليه بتهمة الفساد، ليس مفسدا ولا فاسدا كما يخرصون! بل هو بطل قومي حمل روحه في كفه وضحى بحياته مرتين يومي 3 و6 أغسطس المجيدين، في سبيل إنقاذ هذا الوطن من الدمار والتفكك والانهيار! ويشهد معظم الموريتانيين على الوضعية التي وجد فيها موريتانيا آنذاك: عزلاء بلا جيش وطني، مغلوبة على أمرها تتناهشها السفارات الأجنبية، واقتصادها منهار، وتنخرها الصراعات الاتنية والشرائحية والقبلية والجهوية جاثية على شفا جرف هار، وشعبها جائع وجاهل ومريض، يعيش نصفه في أحياء الصفيح القذرة المنسية حيث لا ماء ولا كهرباء.. إلى آخر ملامح تلك اللوحة المأساوية! بينما تعيش ثلة من المترفين أكلت الأخضر واليابس في أرغد عيش على حساب الجميع ومن جَنَى عرق الجميع.. والعلم الصهيوني النجس يرفرف في سماء أرض المنارة والرباط!
وخلال عشريته الذهبية، ورغم جميع المؤامرات والتحديات التي واجهته، فقد تمكن من إعادة تأسيس دولة ووطن ووحد أمة. فانتزع بالقوة استقلال القرار الموريتاني وافتك مصير الوطن من قبضة السفارات الأجنبية، وبنى جيشا وطنيا قويا ومسلحا تسليحا جيدا، وسيطر على الحوزة الترابية التي كانت نهبا، وحماها بالقوة، وأرسى القواعد العسكرية من لمريه إلى انجاغو، وحقق المصالحة الوطنية فصلى صلاة الغائب في مدينة كيهيدي الحبيبة على أرواح ضحايا البغي، وسوّى الإرث الإنساني، وأعاد المهجّرين ظلما إلى أرض الوطن مكرمين ومبجلين، وكرس محاربة العبودية في نص الدستور ومهرها بقوانين وبمحاكم، وأصلح منظومة الحالة المدنية التي كانت سدى، وطبع المصحف الموريتاني، وأعاد الاعتبار للأئمة والعلماء الذين كانوا مضطهدين ومشردين، وفتح إذاعات وتلفزات القرآن العظيم والمحظرة والحديث الشريف والآداب والعلوم، وسن مهرجانات المدن القديمة السنوية، وشيد المستشفيات والجامعات ومدارس التكوين العليا والدنيا، والمدارس الابتدائية والإعداديات والثانويات، ومدارس الامتياز المدنية والعسكرية، وعبّد الطرق، وفجّر الينابيع (آفطوط الساحلي، وآفطوط الشرقي، فم لگليته، واظهر، وبو احشيشة .. وغيرها) وشيد مصانع الكهرباء، وأطلع شموسها في كل مكان، وبنى المدن والمطارات والموانئ، وحرر سكان أحياء الصفيح من عذابهم وهوانهم؛ فقسم عليهم الأرض وأصلحها، وزودها بالماء والكهرباء، وزرع فيها المدارس والمستوصفات، وفتح فيها متاجر الأمل المخفضة، وشق القنوات (قناة كرمسين 50 كيلو مترا في الصحراء) وأقام السدود (وادي سگليل مثلا) وطور الزراعة (لحد الاكتفاء الذاتي من الأرز) ونمى المواشي، وأصلح الصيد، وجدد النشيد الوطني والعلم حتى تناغما مع واقع النهضة الجديدة، وترأس إفريقيا والعرب، ورفع ذكر موريتانيا بين الأمم .. إلخ. هذا هو فساد العشرية الذي يقض مضاجع المفسدين، لأنه كسب للوطن والشعب تم تحقيقه على حساب فسادهم!
ولم تكن لتتسنى هذه المنجزات العملاقة في فترة وجيزة لولا وطنية هذا الرجل وشجاعته وصدقه وإرادته الفولاذية والحرب التي أعلنها وقادها ونجح فيها نجاحا باهرا ضد الفساد، فامتدت يد الإصلاح في عهده الميمون إلى جميع الصعد؛ فصان المال العام، واسترجع الكثير مما تم اختلاسه.. وأظهر للقاصي والداني أن للبيت ربا يحميه!
من سن قوانين الشفافية ومحاربة الفساد التي يجترها ويرفعها في وجهه بعض المفسدين اليوم قميص عثمان دون أن يعوا منها شيئا؟ ومن شكل هذه المحكمة؟ ومن صان الحريات؟ ومن عدَّل الدستور ليكرس في مادته الثانية التداول السلمي للسلطة وتجريم الانقلاب؟ ومن أعطى المثل الحسن في احترام الدستور وتكريس مُدَدِ المأموريات، وتنازل طواعية عن السلطة غير محمد ولد عبد العزيز؟ ومن نظم انتخابات عادلة وشفافة سلم في أعقابها مقاليد السلطة للرئيس المنتخب في عرس ديمقراطي مشهود هلل له القاصي والداني بصفته دليلا قاطعا على عزة ونضج وحكمة وشموخ الشعب الموريتاني؟ ومن بين من وقعوا بأحرف من ذهب في سجل ملحمة موريتانيا البطولية الذهبي في يوم الزينة الوطنية المستفيضة التالية شهادات بعضهم:
1. فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الذي قال بتأثر بالغ: "كما أن السياق التاريخي لهذه اللحظة يستوجب مني أن أسجل، نيابة عن الشعب الموريتاني، وأصالة عن نفسي، شهادة للتاريخ في حق أخي وصديقي فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز، الذي ستحفظ له الذاكرة الجمعية الوطنية ما حقق للبلاد من إنجازات تنموية شاهدة، ومن مكاسب سياسية وديموقراطية رائدة؛ فقد شكلت – بحق – فترة قيادته لبلدنا نقلة نوعية في معركة النماء والاستقرار، بالنظر إلى ما حقق فيها من إنجازات بنيوية عملاقة، وما اختتمها به من احترام للدستور وعبور بوطننا الغالي إلى بر الأمان. فله منا جميعا التهنئة الخاصة والشكر المستحق". (من خطاب التنصيب). فكيف يكون من حبرت هذه الشهادة في حقه مفسدا؟!
يتبع