معن بشور
كان للشهيد الكبير والقائد الإعلامي المقاوم الحاج محمد عفيف، مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله والدان أحدهما والد "بيولوجي" هو الشيخ عفيف النابلسي، رحمه الله، الذي لا ننسى خطبه وتصريحاته ومواقفه الشجاعة في وجه الاحتلال الصهيوني بعد غزو 1982، وترؤسه لتجمع علماء جبل عامل الذي كان من أوائل الأصوات العاملية الجنوبية التي ارتفعت في وجه الاحتلال الصهيوني وتحت حرابه.
والوالد الآخر، كما كان يحرص الحاج محمد أن يسميه، وهو الوالد الجهادي والفكري سماحة شهيد الأمة السيد حسن نصر الله؛ الذي كان الحاج محمد من أكثر المقربين إليه، والذي حرص أن يلتحق به في عليائه باكراً وكأنه لم يكن أن يحتمل أن يبقى بعيداً عنه..
لم يزعج الحاج محمد عفيف العدو بنشاطه الإعلامي المتواصل على مدى عشرات السنين فحسب؛ بل أزعجته تلك الشجاعة الفائقة التي كان يتحلى بها الشهيد الكبير حين كان يجمع الإعلاميين والصُّحُفيين في أحد أحياء الضاحية المدمَّرَة ليعقد مؤتمراً صحفياً فيها فيما مسيّرات العدو تحوم فوق رأسه وتهدد بقصف المكان المقصوف أساسا مرة أخرى..
كانت إطلالات محمد عفيف الإعلامية بعد بدء الحرب الوحشية على لبنان قبل 44 يوماً تحدياً كبيراً للصهاينة وتأكيدا أن رجال الله ليسوا موجودين فقط في الحافة الحدودية للبنان حيث يذوق العدو مرارة الهزيمة كل يوم؛ بل هم موجودون حيث تدعو الحاجة، وأنهم يطلّون من قلب الركام ليقولوا للعدو: "تحترق أجسادنا وتدمر أبنيتنا ولا نرفع الأعلام البيضاء".
لقد أثبت الحاج الشهيد محمد عفيف أن الإعلام ليس مجرد حرف وصورة، وعلى عظمتها؛ وإنما هو أيضا شجاعة وإقدام، وأن الإعلاميين المقاومين في لبنان قد سبقوا ولادة المقاومة نفسها، وقد قدموا الشهيد تلو الآخر على طريق فلسطين والحرية والكرامة، من نسيب المتني إلى غسان كنفاني وصولاً إلى أقمار الإعلام شهداء "الميادين" و"المنار" و "الجزيرة" وكافة وسائل الإعلام التي أثبتت أننا تفوقنا إعلاميا، رغم شدة الحصار وضآلة الإمكانيات على العدو، رغم ضخامة الدعم والإمكانيات المتاحة له.
محمد عفيف.. سيبقى اسمك مضيئاً في سماء الوطن والأمة والإنسانية، رفيقاً لمن سبقك من الشهداء القادة والمقاومين والمواطنين، ومرحّباً بالقادم منهم شهداء على يد أكبر مجرمي العصر الصهاينة الوحوش في تل أبيب.