عشرية الإنجازات

 

حيثما نظرت تجد مصداق السقوط الأخلاقي الذي نعاني منه؛ والذي نتحدث عنه دائما في هذه الصفحة.

ملف الرئيس عزيز بأكمله من أوضح الأمثلة على هذا السقوط، وأنا لا أتحدث فقط عن حالة العقوق العام اتجاه الرئيس عزيز الذي قدم لهذا البلد ما لا يستطيع غيره تقديمه.

أنا أتحدث عما هو أفظع، إن كان هناك ما هو أفظع من العقوق العام!

المسؤول عما يحدث مع الرئيس السابق ليس النظام وحده، وإن كان النظام يتولى كبره..

الذين شاركوا فيما سمي باللجنة البرلمانية لملاحقة الرئيس عزيز بتهمة الفساد كانوا يعرفون جميعا حقيقة ما يقومون به، وكانوا يعرفون بالتأكيد أيضا حقيقة أن الرئيس عزيز هو الوحيد الذي حارب الفساد في هذا البلد، وعادى الجميع في سبيل ذلك، وإلا لما كان تمكن من إنجاز أي شيء، فكيف سولت لهم أنفسهم تشويه سمعة الرجل بالكذب وقذفه بجريمة خصومه الذين يلاحقونه، وهو الذي بذل كل جهده في محاربتها؟!

كم عدد الذين تحدثوا عن أول محاكمة فساد في موريتانيا؟

كلهم كانوا يعرفون أنهم يكذبون كذبا بواحا.. فكيف سمحت لهم ضمائرهم الأخلاقية بتكلف كل تلك البثوث وكل ذلك الحديث إلى القنوات عن محاكمة العصر؟!

كم عدد الذين طالبوا بمحاكمة عادلة؟!!!!

كيف يسهل علينا أن ننخرط بهذه السهولة والعفوية في الكذب العام الذي يبطش بالآخرين دون رحمة: سمعتهم، راحتهم، حياتهم، عائلاتهم.. ويبطش بالحقيقة نفسها؟!!

على طول المحاكمة لم يكن هناك أحد يعبأ بكشوف الرئيس عزيز، ولا بمعرض الفساد الفاضح الذي تمت إشاعته، حتى أصبح نصيب الصحافة والطلاب تحسب بملايين الدولارات!!

بعض الصحافة لم يعودوا قادرين على الكلام لفرط الشبع، فأصبحوا يشيرون فقط!!

لا أحد يهتم بذلك؛ بل يتم التركيز على حفلة الافتراس الطويل للرئيس الذي اطمأنوا الآن إلى أنه أصبح أعزل تماما!

ومع ذلك نكرر: لقد عرت غزة.. لقد انكشف زيف أخلاق وقيم الغرب!!!

مهما كانت فظاعة الجرائم في غزة، أليس الأولى أن تبحثوا عن الجرائم عندكم هنا، وعن الزيف والعري الأخلاقي بينكم؟! وهو يفقأ الأبصار ويزكم الأنوف!

هل يمكن تصور ما يحدث الآن أو حتى بعض منه في دولة غربية؟

هل يمكن تصور واحد في المائة من كل الكذب والنفاق والسقوط وتشويه الحقائق ودوس القوانين والأخلاق وخيانة الأمانة والاعتزاز بالإثم.. في أي دولة غربية.

العري والزيف الأخلاقي الحقيقي الذي لم يعد أحد يستنكره لأنه هو القاعدة، هو ما يسود عندنا رغم كل مطولات المدح والفخر التي ما زلنا نواظب على تدبيجها في أنفسنا..