مرافعة أمام الغرفة الجزائية الجنائية لدى محكمة استئناف نواكشوط (5)
الأستاذ محمدٌ ولد إشدو
ثانيا: أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز لا علاقة له بهذا الملف؛ وإنما أقحم فيه زورا وبهتانا وغشا وتدليسا وتآمرا وتلاعبا بالقضاء وتغييرا لتعليمات النيابة الواردة في تكليفها إلى مدير إدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية بتاريخ 06 /8/ 2020 اعتمادا على تقرير "لجنة التحقيق البرلمانية" المزعومة. وما بني على باطل فهو باطل. وهذا ما سنتطرق إليه بالتفصيل في حينه بإذن الله.
ثالثا: أن جميع الإجراءات القمعية التحكمية العسفية المتخذة من طرف القضاء العادي بتقييد حرية الرئيس محمد ولد عبد العزيز ظلما وعدوانا منذ يوم 17 أغسطس 2020 إلى يومنا هذا؛ سواء منها ما كان في الشارع، أو في مخافر الشرطة، أو في سجن مدرسة الشرطة، أو في داره التي حولها فريق التحقيق دون حق إلى سجن، أو في المستشفيات، أو في المحاكم، أو في الزنزانة الانفرادية التي يحتجز فيها الآن.. هي جميعها بغي وعسف وخرق سافر لصريح الدستور، ولجميع قوانين الجمهورية الإسلامية الموريتانية، ومبنية على الغش والتزوير والتلاعب بالنصوص القانونية خدمة لأغراض سياسية آنية، وجنيا لفوائد مادية عينية (المراقبة القضائية، والحبس الاحتياطي، والمراقبة القضائية المشددة على ذمة التحقيق، والحبس على ذمة المحكمة الجنائية، والحبس دون وجود بطاقة إيداع بمقتضى حكم مستأنف) وسوف يساءل عنها جميع من قاموا بها وشركاؤهم، إن عاجلا أو آجلا؛ إحقاقا للحق وإنصافا للمظلوم، وحرصا على أن لا يتكرر مثل هذا البغي في بلادنا.
رابعا: أن محاضر التحقيق باطلة، وكذلك أمر الإحالة. وذلك أولا، بسبب إعدادها في ظل المادة 47 من قانون مكافحة الفساد التي تم إلغاء جزئها المتعلق بالتحقيق والحكم، من طرف المجلس الدستوري بموجب قراره رقم 007 /2023 م. د. والتي كانت تعطي نسبة 10% من ناتج الأموال المستردة والمصادرة للهيئات والتشكيلات المكلفة بالكشف والمتابعة والتحقيق والحكم؛ الشيء الذي يؤثر على نزاهة حكم القاضي ويخالف مقتضيات المادة 90 من الدستور. وثانيا، لصدور المحاضر والأمر من غير مختص بقوة المرسوم 017 /017 الصادر بتاريخ 15 فبراير 2017 الذي يحدد إجراءات تنظيم وسير عمل فريقي النيابة والتحقيق؛ والذي عمل فريقا النيابة والتحقيق خارج مقتضياته، فصادر منسقا الفريقين صلاحيات أعضاء فريقيهما في هذا الملف؛ والمنصوصة في المادتين 4 و9 من المرسوم.
وثالثا، لخرقها السافر المتعمد لترتيبات المواد 173، 174، و175 من قانون الإجراءات الجنائية المتعلقة بترتيبات ختم التحقيق. وتنص المواد، 173، 174، 175 من قانون الإجراءات الجنائية "في قاضي التحقيق" و"الأوامر التي يختم بها التحقيق" وصيانة حقوق الدفاع المقدسة، على ما يلي: "يقوم قاضي التحقيق وفقا للقانون باتخاذ جميع إجراءات التحقيق التي يراها ضرورية للكشف عن الحقيقة وعن أدلة الإثبات وأدلة النفي". (المادة 73) "بمجرد اعتباره التحقيق منتهيا يقوم قاضي التحقيق بإبلاغ الملف إلى وكيل الجمهورية والأطراف ومحاميهم، إما شفهيا أو بإشارة على الملف أو برسالة مضمونة الوصول". (المادة 173) "لمحامي المتهم والطرف المدني، سواء أثناء التحقيق أو بعد إطلاعهم على ملف الإجراءات في كتابة ضبط التحقيق، أن يطلبوا كتابيا الاستماع إلى شهود جدد أو مواجهات أو إجراء خبرة أو أي من إجراءات التحقيق يرونه مفيدا للدفاع عن المتهم أو لمصلحة الطرف المدني. وإذا امتنع قاضي التحقيق من القيام بإجراءات التحقيق الإضافية التي طلبت منه يجب عليه أن يصدر بذلك أمرا مسببا". (المادة 174) "يحيل قاضي التحقيق بعد ذلك (أي بعد اكتمال جميع الإجراءات المنصوصة في المادتين 173 و174) الملف إلى وكيل الجمهورية...". (المادة 175). وقد ضرب فريق التحقيق بهذه المواد الأربع عرض الحائط! حيث لم يتطرق في تحقيقه إلى أي دليل من أدلة النفي، ولم يناقش الحجج التي تمسك بها المتهم، وعندما طلبنا منه الاستماع إلى شهود نفيٍ رَفَضَ طلبَنا! وأحال الملف إلى النيابة فور إشعاره المتهمين بنهاية التحقيق؛ الشيء الذي حرمهم هم ودفاعهم من الاطلاع على الملف حتى يومنا هذا. ذلك الاطلاع المنصوص على وجوبه! وجَعَلَ الملفَّ يحال إلى النيابة قبل إبلاغه لبقية الأطراف، وقبل ممارستهم لما يخولهم القانون من إجراءات دفاعا عن موكليهم! ولما طلبنا كتابةً منه – بإلحاح- إبلاغنا الملف لدى كتابة الضبط كما تنص عليه المادة 173 آنفة الذكر، رفض متعللا بقرار سابق صدر عنه بعد لَأْيٍ يقضي بتسليمنا جميع أوراق الملف وظل يرفض تطبيقه إلى هذه اللحظة. في حين أن إبلاغ الملف الذي تتحدث عنه المادة 173 هو وضع الملف برمته عند الإشعار بنهاية التحقيق بين يدي الأطراف لدى كتابة الضبط ليمارسوا ما يخولهم إياه القانون من إجراءات إعذارية، وليس إحالته!
وقد أثرنا ذلك أمام محكمة الأصل فتجاهلته، فاستأنفنا قرارها. وها نحن نثيره مرة أخرى أمام محكمتكم الموقرة لتتلافاه وترتب عليه البطلان المطلق بقوة القانون.
خامسا: أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز كان قد تحدى المحققين وتحدى النيابة و"دفاع الدولة" أن يواجهوه ببينة تثبت وجود اختلاس في أي قطاع أو مؤسسة له به صلة. أو وجود رشوة أو فساد له به صلة! فعجزوا جميعا! وما زال عند هذا التحدي! والأصل البراءة! والبراءة لا تخترق بالظن والتلفيق؛ بل بالقطع والتحقيق!
سادسا: أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز لم يرتكب مخالفة يجرمها قانون تمويل الحملات الانتخابية. لأن ذلك القانون ميت لم يعمل به قط! ومحل التجريم الوارد في مادته 6 إنما يتعلق بالمخصصات التي تساعد بها الدولة المترشحين فقط!
سابعا: أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز لم يرتكب مخالفة يجرمها قانون الشفافية؛ إذ هو غير معني بذلك القانون أصلا بسبب ما تمنحه إياه المادة 93 من حصانة تامة. مع العلم بأن المادة 12 من ذلك القانون تنص على أن الزيادة في الذمة المالية للموظف الواجب تبريرها إنما تعاينها وتعلنها لجنة الشفافية لا غير! وتلك لم تتحدث أبدا عن زيادة في ذمة الرئيس محمد ولد عبد العزيز المالية.
ثامنا: أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز لا يقع تحت طائلة المادة 16 من قانون محاربة الفساد بمفهوم الادعائين والتحقيق لها بحال من الأحوال. ذلك أنه صرح أمام محكمة الأصل وأمام محكمتكم الموقرتين بأنه قام بالتصريح الاختياري بثروته أمام المحكمة العليا عند انتخابه وعند خروجه من السلطة، وأن الفارق بين ما في التصريح وممتلكاته المصرح بها هو محتويات الحقيبتين والخمسين (50) سيارة هايلكس المقدم إليه بعد خروجه من السلطة من طرف خلفه وأخيه وصديقه محمد ولد الشيخ محمد أحمد. وقد رفضت محكمة الأصل ومحكمتكم الموقرتان فتح تحقيق حول الموضوع. ولم يصدر بخصوصه أي نفي ممن قدمه إلى حد الآن! وما دام القضاء لم يحقق في هذه الأموال ويقف على حقيقتها، فلا يمكنه بحال أن يدين الرئيس محمد ولد عبد العزيز بتهمة الإثراء غير المشروع. وذلك لعدم تجريم أخذ الهدية، ولوجوب بناء الحكم بالإدانة على الجزم واليقين، لا على الافتراض والتخمين.
في الحلقة القادمة:
تاسعا: أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي لم يشهد ضده أحد قط في هذه المسطرة
خميس, 2025/04/24 - 09:18