قال العميد محمدٌ ولد إشدو إن القضاء الموريتاني الذي حاكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز غير مختص أصلا، وكان عليه أن يحكم بعدم الاختصاص؛ معتبرا أن الشعب الموريتاني قد أصدر براءة فعلية للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، حيث أصبح اليوم يسانده كله، ويعرف أن استهدافه إنما هو انتقام يقوده المفسدون ضد الرجل الذي حارب الفساد..
واتهم محمدٌ ولد إشدو في مقابلة مع موقع الفكر من سماهم "الستين محاميا" والعشرين قاضيا بالعجز عن تقديم أي دليل يثبت أن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز قد أكل أوقية واحدة من المال العام..
نص المقابلة:
موقع الفكر: هل يمكن تحديد الاستراتيجية الدفاعية التي اعتمدها فريق الدفاع عن الرئيس السابق؟ وما هو الجديد في مرافعاته خلال مرحلة الاستئناف؟
ذ. محمدٌ ولد إشدو: فريق دفاع الرئيس السابق لديه ثلاثة ثوابت في جميع مراحل هذه القضية المفتراة، هي:
1. الدفاع عن مركز الرئيس محمد ولد عبد العزيز القانوني والقضائي المكرس في المادة 93 من الدستور؛ والذي هو مركز جميع الرؤساء الموريتانيين بشكل عام، وقد ركز الدفاع على هذه النقطة في مواجهة حملة التنكر والجحود لتلك المادة الصريحة المتربعة على عرش الدستور الموريتاني. وأفحم بقوة بعض القانونيين الموريتانيين من قضاة ومحامين؛ وخاصة الستين محاميا، وبعض أساتذة الجامعات الذين أنكروا المادة 93 وحاولوا وأدها وروجوا مكانها الأخذ بأحكام الدستور الفرنسي! وقد أعطينا هذه المسألة ما تستحقه من الاهتمام، لكونها مربط الفرس في الدفاع عن موكلنا، وعن دستور ومؤسسات الوطن، وعن النظام الجمهوري في بلادنا.. لحد أننا تواصينا في أحاديثنا الخاصة أن إذا قام أحدنا للصلاة فليبدأ بالمادة 93 من الدستور، فبالأحرى في غيرها! فتلك المادة هي لازمة دفاعنا. ووأدها جريمة ضد موريتانيا ومؤسساتها الدستورية، وضد مسار فصل السلطات.
2. الدفاع عن حريات وحقوق الرئيس السابق، المنتهكة ظلما وجورا وزورا؛ وخصوصا بعد أن جوبهت بكثير من النكران والطمس، لدرجة الطغيان! فهذا الرئيس الذي حكم موريتانيا طيلة 11 سنة، وأنجز لها - ولإفريقيا والأمة العربية- الكثير الكثير، ويعترف له الشعب بذلك، ها هو ذا تنتهك حقوقه من أعلاها إلى أدناها؛ من حق الحصانة والامتياز القضائي، إلى حق الزيارة، إلى حق العلاج، وحق الإعلام، وها هو اليوم مسجون لا يذكره ذاكر، وبعد سنتين من السجن سمح له بـ"تلفزة" وما زال ممنوعا من الشمس، والهواء الطلق، ومن الهاتف والكومبيوتر، وتسلط عليه أجهزة التنصت والتصوير والتشويش..
3. نفي ارتكاب الرئيس محمد ولد عبد العزيز أي فعل يجرمه القانون. فلقد تحدى موكلنا - وتحدينا نحن معه- جميع قضاة الاتهام والحكم معا، والـ60 محاميا أن يثبتوا - بأي وسيلة من وسائل الإثبات التي يقرها القانون- ارتكاب الرئيس أي فعل يجرمه القانون! فعجزوا جميعا! والأصل البراءة! ولم يأتوا كذلك بنص قانوني أو شرعي يسمو على ما أدلينا به من نصوص قانونية وشرعية!
أما جديده في هذه المحاكمة فقد تمثل في:
* الطعن المفاجئ الذي تقدمنا به أمام المجلس الدستوري في الفقرة ب 1 من المادة 2 من قانون مكافحة الفساد. فحسب ما كان متداولا يومها أن المقصود من بدء المحاكمة في 13 نوفمبر - بعد سنة من التسويف- هو أن تنتهي قبل 28 نوفمبر بحكم معلب قاس، ويعقب ذلك عفو رئاسي بمناسبة 28 نوفمبر، لكن الدفاع فاجأ الجميع بطعنة نجلاء تمثلت في طعنه أمام المجلس الدستوري الدي أوقف المحاكمة شهرا، وقال عنه أحد كبار المحامين إنه بمثابة قذيفة تاندوم من مسافة صفر! وقد آتى ذلك الطعن أكله؛ حيث حقق هدفين أساسيين:
- الهدف الأول: إفشال الخطة المبيتة، وإظهار أن دفاع الرئيس هو من يمسك بزمام المبادرة ويتحكم في سير المحكمة. وليست النيابة ودفاعها، ولا حتى المحكمة نفسها.
الهدف الثاني: أن المادة 93 من الدستور هي التي تحكم مركز الرئيس السابق القانوني وكل رؤساء الجمهورية الإسلامية الموريتانية. وقد نص على ذلك قرار المجلس الدستوري رقم 009/2024 حين قال إن الفقرة ب/1 من المادة 2 من القانون رقم 014/ 2016 الصادر بتاريخ 15 إبريل 2016 لا تتعارض مع الحقوق والحريات التي تمنحها المادة 93 من الدستور لرئيس الجمهورية". ونص في حيثيته الأخيرة الموالية للمنطوق على ما يلي: "وحيث إن الحماية الممنوحة لرئيس الجمهورية أثناء تأدية مهامه بموجب المادة 93 من الدستور لا تتأثر بما ورد في الفقرة الطعينة".
فالمجلس الدستوري هو وحده - من بين جميع مؤسسات الجمهورية المستباحة- من استطاع الصمود أمام الباطل، وقال الحق، وحمى الدستور الذي يشكل العروة الوثقى والرباط المقدس للموريتانيين! وسوف يذكر له التاريخ ذلك بحروف من ذهب!
ولعلكم تتذكرون كيف حاول المبطلون الالتفاف على قرار المجلس الدستوري غداة صدوره عبر بعض وسائل الإعلام؛ حيث ادعوا بالباطل أن القرار جاء رفضا لطعننا! ولكننا تلافينا الموقف وأًصدرنا في وقت متأخر من ليلة صدوره القراءة الصحيحة الناصعة له. وقد استقرت قراءتنا تلك لحد أن بعض قادة الـ60 قال علنا إننا رشونا المجلس الدستوري فأصدر قرارا لصالحنا!
* تمحيصنا لمحاضر الضبطية القضائية التي دأبت النيابة ودفاعها على الهرب إليها من واقع التحقيق الدائر أمام المحكمة ليمتاحوا منها على هواهم شذرات واهية يحاولون بها ستر عجزهم عن تقديم أية بينة على مزاعمهم. وقد تتبع فريق الدفاع تلك المحاضر صفحة صفحة أمام المحكمة والجمهور، فأظهروا خلوها من أي بينة ضد الرئيس السابق. فانتهى الأمر!
* تأصيل دفاع الرئيس وتفصيله لحقيقة التغيير السلبي الذي حدث أثناء السنة الأولى من مأمورية رئيس الجمهورية الحالي. حيث بين بالأدلة الواضحة (اعترافات وأوراق رسمية وتسجيلات بالصوت والصورة) أن ملف العشرية ليس ملفا قضائيا، ولا علاقة له بالقانون ولا بمحاربة الفساد، وليس مجرد استهداف لشخص الرئيس محمد ولد عبد العزيز كما يرى البعض؛ بل هو انقلاب سياسي ناعم قام به المفسدون بالرئيس الحالي على نظام الأغلبية التي أفرزتها صناديق الاقتراع، وعلى الرئيس الحالي نفسه، وعلى برنامجه الانتخابي، وعلى موريتانيا. وتتبع حلقات ذلك الانقلاب واحدة تلو الأخرى: الحملة الدعائية المغرضة ضد الرئيس السابق وضد العشرية (إفك فساد العشرية) فتنة المرجعية، "لجنة التحقيق البرلمانية" الفاسدة الدعية، الانقلاب على البرلمان، الانقلاب على الحكومة، الانقلاب على الرئيس السابق وتزوير متابعته، نهب ممتلكاته وممتلكات أفراد أسرته ومحيطه.. إلخ.
تلك هي حقيقة ما حدث تلك السنة كما استجلاها وبَيَّنَها بالأدلة الدامغة دفاع الرئيس السابق. وإن تسمية الأشياء بأسمائها (تنتاڭ الكمية) هي سبب حنق المفسدين على دفاع الرئيس السابق والتحريض عليه والتآمر ضده!
موقع الفكر: يثار لغط حول ذكركم للممثل "بيبات" وحديثكم عن "الوؼاف الفاشل" وهو ما اعتبره المعني تنمرا وسخرية، مقابل من يرى أن شكاية "بيبات" تدخل في إطار الكيدية ضدكم وتصفية مكشوفة للحساب، فما تعليقكم؟
ذ. محمدٌ ولد إشدو: ما جرى كان أثناء مؤتمر صحفي عقدته هيئة الدفاع، قلت فيه - وضرب الأمثال منهج عقلي لتقريب البعيد- إن موريتانيا دكان، وغالبا ما يكون مالكه غائبا، ويتصرف فيه "الوؼافة" وذكرت أسماء بعض الرؤساء المتعاقبين على السلطة وبيبات. {وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون}!
ولا أظن أن في الأمر ما يستحق هذه الضجة؛ خصوصا أن هذا الممثل هو شخص متميز وفكاهي، وأنا معجب به وأتابع مسلسله، وضربي للمثل ليس تنقيصا منه؛ بل هو إعجاب بإتقانه لدوره في ذلك العمل الفني، وإسقاط لذلك العمل الفني على الواقع الشبيه به..
فبيبات بريء، وضحية مثلنا لكيد ومكر المفسدين. والمسألة لا تعدو كونها خطة انتقامية بلهاء تمت بتحريض علني من الـ60 محاميا ومن يستخدمونهم، أريد بها الإضرار بدفاع الرئيس السابق، والتغطية على فشل النيابة ودفاعها في الإتيان بمعتبر، والتشويش على القضاء وعلى الحكم المرتقب يوم 14! "وان بعد سامح لبيبات! وطالب من الناس تتفهمو وتسمح لو"!
فالخطأ ليس خطأه؛ بل خطأ القضاء الذي خرق القانون واعتدى على محام ذي حصانة يمارس الحقوق التي خوله القانون إياها بقوة المادتين 44 و45 من قانون المحاماة.
وبالمناسبة فإني أثمن الهَبَّة الوطنية لمساندتي، وأشكر جميع من ساندوني وتعاطفوا معي فأكدوا أن البلاد ما تزال بخير، رغم طغيان قوى الشر والنفاق فيها!
يتبع
اثنين, 2025/06/16 - 12:29