ندوة هيئة الدفاع عن الرئيس محمد ولد عبد العزيز

العرض الثاني (2)
مع الأستاذ محمدٌ ولد إشدو
ثانيا: أَتهام بالفساد، وتحقيق انبثق من البرلمان ووصل في النهاية إلى القضاء؛ أم انقلاب ناعم على الشرعية؟
منذ انقلاب العاشر يوليو 1978، وهو انقلاب مدني بالجيش على النظام الشرعي، احترفت حفنة من المفسدين لعبة "الانقلاب الدائم" بالجيش على الوطن والشعب؛ وظلت - بمختلف أجنحتها– توظف الجيش في خدمة مآربها الخاصة على حساب المصالح الوطنية العامة؛ الشيء الذي خلق - مع مرور الزمن- جيشا من المفسدين أكثر عددا وعدة وأقوى مددا من الجيش نفسه! جيشا يأتي على الأخضر واليابس، وينخر الدولة، ويسحق الكفاءات الوطنية، ويهمش الشعب، ويخرب الوطن!
وفي يوم 3 أغسطس 2005 فوجئ جيش المفسدين بانتزاع الجيش والسلطة من يده حين استولى على مقاليدهما ضباط وطنيون تبنوا سياسات وطنية واجتماعية تخدم الوطن والشعب، وتحارب الاستعمار والصهيونية والأطماع الأجنبية والفساد، وتضع قواعد دستورية تنظم طرق اكتساب السلطة وتداولها سلميا، وتجرم "الانقلابات وغيرها من أشكال تغيير السلطة المنافي للدستور" وتصنفها "جرائم لا تقبل التقادم"!
ومذ ذلك اليوم، وخلال فترتي الانتقال وعشرية الرئيس محمد ولد عبد العزيز المجيدة، وحلف المفسدين والاستعمار والصهيونية يعمل بجميع وسائله وإمكاناته الهائلة على الإطاحة بالسلطة الوطنية الجديدة وكسر عظمها والانتقام منها أشنع انتقام؛ وخاصة الرئيس محمد ولد عبد العزيز بصفته الزعيم الشعبي الجديد الذي قاد عملية التحرر والانعتاق بنجاح، وأفشل جميع مخططات ذلك الحلف، وأعلن الولاء للشعب والوطن، ورفع رأس موريتانيا في المحافل الدولية، وتحالف مع قوى التحرر في العالم!
وما إن تخلى هذا القائد طواعية عن الحكم بعد أن أرسى قواعد نظام وطني قائم على الديمقراطية والتعددية وفصل السلطات وما أفرزته صناديق الاقتراع خلال استفتاءات شعبية وانتخابات شفافة زكى عبرها الشعب إصلاحاته الدستورية، واختار مرشحيه للبرلمان والبلديات والجهات، ولرئاسة الجمهورية أيضا.. وانسحب قرير العين مطمئن البال على مستقبل وطنه الذي تركه أمانة في يد أغلبيته، حتى انقضَّت عليه وعلى ما بناه جحافل الظلام المعششة في ذلك الحلف، والمتربصة به هو وبموريتانيا، في انقلاب ناعم وظفت فيه جميع إمكانياتها الهائلة وخبراتها الواسعة في التخريب والتآمر، وخططها الماكرة، وجندت له طابورها الخامس وخلاياها النائمة، وكل من استطاعت شراءهم بالمال والجاه من المنافقين والانتهازيين. وقد تم انقلابها الناعم على مراحل هي:
1. شن حملة افتراء وتشويه شعواء على الرئيس وعشريته، لتهيئة الرأي العام للانقلاب عليهما (إفك فساد العشرية).
كما هو معلوم فإن "الحرب أولها كلام"! وهناك نظرية الدخان والمرايا le fumés et les miroirs. التي تحول الوهم إلى حقيقة إعلامية. وهي استراتيجية تقوم على خلق ضجة إعلامية ضخمة حول شيء غير حقيقي، بهدف تشتيت الانتباه، أو تحقيق أهداف غير معلنة! وهناك أيضا نظرية فرض السردية بالقوة. وتقول بأن التكرار يصنع القبول. "اكذِب ثم اكذب ثم اكذب ففي النهاية سيصدقك الناس". كما يقول الجنرال غوبيلز. وهذا ما يفسر ما نشاهده يوميا عبر الإعلام الغربي (فرنسا 24، أورو نيوز، بي بي سي مثلا) حيث تتم إعادة نشرة الأخبار الكاذبة نفسها كل ثلاثين دقيقة على مدى 24 ساعة وأكثر.
ومما تُدرِّسُه معاهد الإعلام وعلم الاتصال العصرية من نظريات أن الأخبار السيئة تنتقل بين الناس أضعاف ما تنتقل الأخبار الحسنة والجيدة، وقد تصل إلى نسبة ستين (60) ضعفا في بعض المجتمعات"! ولعلها تتجاوز تلك النسبة وتحطم جميع الأرقام القياسية في مجتمعنا الفاسد العاطل الغافل الضائع!
وانطلاقا من ذلك، فقد شنوا حملة افتراء شعواء بغية تشويه وشيطنة الرئيس محمد ولد عبد العزيز وعشريته يومَ مغادرته للسلطة، فروجوا عبر أبواقهم الآثمة قولهم: "غادر ولد عبد العزيز الحكم بالجمل وما حمل من مال الشعب". وادعوا - كذبا وزورا- أنه ترك البنك المركزي وخزينة الدولة خاويين على عروشهما! وكان من بين أهداف تلك الأكاذيب يومها أيضا تشويه الصورة المشرقة التي انطبعت في ذهن العالم عن موريتانيا الناهضة التي تم فيها التناوب السلمي وجرى تسليم مقاليد السلطة بين رئيسين منتخبين في عرس ديموقراطي مهيب قال عنه الصحفي الفلسطيني العالمي المخضرم عبد الباري عطوان: "شاهدت للتو ظاهرة حضارية ديمقراطية غير مسبوقة في موريتانيا.. رئيس منتخب سلم السلطة بطريقة دستورية لآخر منتخب، ويتعانقان بحرارة وهما في قمة اللياقة والحكمة، ودون طعن خناجر مسمومة في الظهر.. شكرا لموريتانيا وشعبها العظيم.. لم أسيطر على دموع الفرح وأنا أعانقهما إعجابا بهذه المفخرة".
ولأعطي صورة تعبر عن مدى شراسة وبشاعة وزيف هذه الحملة، فلن أتطرق إلى جميع التدوينات والمقالات الكاذبة المفترية المضللة التي أفردت لها مكانا في مرافعتي أمام المحكمة، ولا إلى سيل السموم والأباطيل التي نفثها في جسم مجتمعنا الغافل ذباب المخابرات وتسعة رهط وحمالة الحطب؛ بل سأتوقف فقط عند تدوينتين من تدويناتهم المفترية والمحرضة على محاكمة الرئيس محمد ولد عبد العزيز أمام جميع المحاكم، بدءا بمحكمة العدل السامية التي كانوا ينوون تنفيذ انقلابهم عن طريقها قبل انهيار كذبة بيع جزيرة تيدره، ومعاينة خلو تقرير "لجنة التحقيق البرلمانية" سيئة الذكر مما يسعف مخططهم المتعلق بها؛ ونماذج من مشاركات ثلاثة من فريق الستين (60) محاميا حازوا قصب السبق في الاختلاق في تلك الحملة؛ لما تحمله هذه النماذج من دلالات عميقة:
* جاء في إحدى التدوينتين ما يلي:
* "يوم 13 (يوليو 2020) تصديق الجمعية الوطنية على القانون المنشئ للمحكمة.
- يوم 14 مصادقة المجلس الدستوري.
- يوم 15 توقيع الرئيس.
- يوم 16 توقيع الحكومة (الوزير الأول ووزير العدل).
- يوم 17 النشر في الجريدة الرسمية.
- يوم 18 التصويت على قضاة المحكمة من طرف الجمعية الوطنية.
- يوم 20 أداء القضاة للقسم أمام المحكمة العليا.
- يوم 21 مناقشة تقرير لجنة التحقيق البرلمانية.
- يوم 22 جلسات الاتهام للرئيس السابق والوزراء أمام الجمعية الوطنية وإحالة اتهامهم لمحكمة العدل السامية.
- يوم 23 محكمة العدل السامية تبدأ التحقيق القضائي الاتهام الموجه للرئيس السابق والوزراء من طرف البرلمان.
- يوم 1 أغسطس أمر قضائي بسجن الرئيس السابق والوزراء وبدء الجلسات العلنية لمحاكمتهم.
- يوم 1 أغسطس مرور عام على وصول غزواني للسلطة.
الله أكبر يحيا العدل".
* وجاء في الأخرى: "اليوم الذي سيقف فيه ولد عبد العزيز ورهطه المفسدون أمام العدالة بتهمة الفساد والخيانة العظمى، وتتوزع تهمهم فيها على المحاكم حسب اختصاص كل محكمة. سيكون يوم عيد لا يماثله إلا عيد الاستقلال".
أما مشاركات الثلاثة فكالتالي:
* في مقابلة لنقيب المحامين السابق رئيس الستين (60) محاميا مع قناة "الوطنية" قال ردا على سؤال عن حجم الضرر الذي يدَّعونه بصفتهم طرفا مدنيا: "الدولة الموريتانية تعتبر واستنتجت من عمل اللجنة البرلمانية أنها هي الضحية الحقيقية لكل الفساد الذي عم هذا البلد لمدة 10 سنوات وكانت نتائجه (قاطعه الصحفي قائلا: أنت حسب اطلاعك على الملف ما تقديرك لحجم الفساد في هذه المرحلة) ... أعتقد أنه آلاف المليارات... آلاف المليارات على أسوأ تقدير أنه آلاف المليارات.. جميع القطاعات: شركة سنيم، شركة سوملك، الميناء، الأراضي، مدرسة الشرطة، الملعب الأولمبي، المدارس.. ناهيك، ضخم ضخم.. استنزاف في الحقيقة بمعنى الكلمة"! ... "هناك أموال كثيرة مهدورة ومخزنة في بنوك أجنبية وفي أماكن أجنبية".
وأغرب ما في هذا القول ليس عدم صحته المطلق؛ بل كون قائله لا يملك عليه بينة ولا دليلا! وصرح به تطفلا كجزء من إنعاش تلك الحملة، دون أن تكون له صفة أو مصلحة! فهذه المقابلة جرت يوم 8/10/2020 ويومها لا توجد دعوى من أي نوع حتى يتعهد فيها النقيب طرفا مدنيا أو عسكريا، ولا يملك هو وجماعته يومئذ أي توكيل من أي كان! وكان تعهده وجماعته المزعوم بمجرد رسالة عزلاء من طرفه بتاريخ 3/5/2021.