ندوة هيئة الدفاع عن الرئيس محمد ولد عبد العزيز
العرض الثاني (3)
مع الأستاذ محمدٌ ولد إشدو
2. فتنة المرجعية: اختطاف حزب الاتحاد من أجل الجمهورية والبرلمان، وتشكيل لجنة تحقيق برلمانية دعية.
كان حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الذي أسسه ورعاه الرئيس محمد ولد عبد العزيز (العضو المنتسب رقم 1) الأداة السياسية التي يستند إليها نظام العشرية الوطني. وكان الهدف جعله حزبا بمعنى الكلمة! حزبا مستقلا عن السلطة، وديمقراطيا تجري الانتخابات فيه من القاعدة إلى القمة على معيار الكفاءة (الشيء الذي تم بنجاح في انتخاب مسؤولَيْ الشباب والنساء فيه) حزبا "يشارك في تكوين الإرادة السياسية والتعبير عنها" ويحمل مشروع بناء مجتمع عصري عادل وآمن ومزدهر ومستقر ومتحد. وكان متوقعا أن يكون الإطار الذي يمارس عبره الرئيس السابق السياسة بعد خروجه من السلطة دعما لخلفه وحماية للنظام الوطني الإصلاحي الذي أقاماه، وصيانة لمكاسب الشعب التي تحققت بالدماء والعرق والدموع خلال العشرية. وذلك دون تدخل في شؤون وتسيير الدولة. ولذلك أُخِّر في مؤتمره المنعقد قبيل الانتخابات الرئاسية انتخابُ قيادة دائمة له، واكتُفِي بتعيين قيادة مؤقتة إلى ما بعد الاستحقاقات الرئاسية برئاسة معالي الوزير الفاضل سيدنا عالي ولد محمد خونا. وتدخل الهدية النقدية والسيارات الخمسون في نطاق ذلك التوجه المتفاهم عليه عموما، لما يتطلبه الأمر من جهد ومال! وهذا ما جعله وقيادته المنتخبة العدو الأول والهدف المباشر للمفسدين!
وكان البرلمان الذي بذل الرئيس السابق الغالي والنفيس في سبيل حصول مرشحي الأغلبية الحاكمة على أغلبية مريحة فيه، وخاض بنفسه الحملة في سبيل ذلك، يشكل هو الآخر الركيزة الثانية للنظام!
ولهذين السببين كانت خطوة المفسدين التالية بعد تأجيج حملة الافتراء على الرئيس وعشريته، هي العمل على تخريب الحزب والبرلمان من داخلهما، والاستيلاء عليهما بغية زعزعة وحدة الأغلبية، وبث روح الشك والتنازع والتفرقة والشقاق داخلها، والانفراد ببعضها والاستقواء عليه ببعض.. فكانت فتنة المرجعية التي هي في الظاهر موالاة وانتصار لرئيس الجمهورية، وفي الباطن تخريب لنظام الأغلبية وإحكام لقبضة المفسدين على مؤسستي الحزب والبرلمان، والانطلاق منهما كقاعدة صلبة في تحقيق أهداف الانقلاب.
وتم إسناد هذا الدور إلى "تيار المرجعية" الذي نترك المجال لزعيمه - شفاه الله- ليحدثنا عنه وعن مؤامرته الانقلابية المشؤومة:
"اخترنا أن نلتقي.. مجموعة من الأطر، وأول لقاء لنا كان يوم 11 في أكتوبر 2019 (بعد شهرين فقط من تنصيب الرئيس المنتخب) في ضاحية نواكشوط بمنزل القاضي فضيلي ولد الرايس. مجموعة من الأطر فيها محمد يحيى ولد حرمه، محمد ولد الرزيزيم، حمادي ولد اميمو، احبيب ولد اجاه، الأستاذ عالي.. مجموعة كبيرة. يحي ولد سيد المصطف، الشريف ولد عبد الله رحمة الله عليه، سيدنا سخنا.. مجموعة كبيرة محمد محمود ولد داهي، وقلنا إننا نحن هؤلاء ينبغي أن نشكل جناحا سياسيا جديدا للحزب، فقال بعضنا - وهو الأكثرية- إننا ينبغي أن نحتفظ بالحزب (UPR) لكن علينا أن نطوره.
لكننا سننتظم في إطار ما سمي آنذاك تيار المرجعية، سننتظم في اجتماعات منتظمة. بعد اجتماع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز مساء الأربعاء، يوم 20 نوفمبر مع لجنة التسيير التي سبق أن اتفقنا وإياها على تسيير مشترك لتنظيم المؤتمر وخلق اللجان، وحصل مقدار من الوفاق في إحدى اللجان، ولما جاء الرئيس السابق حسم الموقف وفضوا الارتباط بنا، واعتبروا الحزب حزبهم. هنا صحيح أننا بدأنا نتخذ من منازلنا مقرات، واتخذنا من مقر مكاتب الأستاذ الحاج ولد أحمد سالم مقرا صرنا نجتمع فيه وقررنا أن نتمسك بـUPR كحزب، ونتوقف عن الدعوة لتغيير اسمه، ولكن نطالب بانفتاحه على القوى الجديدة (عادل، ومنشقي تواصل والتكتل) وأن نطوره من الداخل ويصلح من داخله، وفي هذا الإطار عدلنا عن قضية التسمية. الأساسي عندنا حسم المرجعية. المرجعية حسمت.. حسمها المنتخبون، وحسمها النواب، وحسمها رؤساء المجالس الجهوية، وحسمتها رابطة العمد، وحسمتها لجنة التسيير بعد اجتماعها مع الرئيس السابق إذن نعتبر أن معركتنا حسمت لصالح ما كنا نطالب به في قضية المرجعية".
ولكي ندرك كنه تيار المرجعية وطبيعة الانقلاب الذي جرى في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، نطرح الأسئلة التالية:
-
هل كان "تيار المرجعية" نخبة وطليعة وإطارات قيادية في الحزب والمجتمع، أم كان من طينة أخرى؟
-
في أي خانة يمكننا تصنيف حركة تيار المرجعية؟ أفي خانة الحفاظ على الوحدة وتأليف القلوب والاعتصام بحبل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أم في خانة التآمر والسعي إلى التفرقة وبث روح الخلاف والشقاق والكراهية والفتنة في الحزب والأمة؟ وما ذا جنت الأمة من وراء ذلك؟
-
يقول زعيم تيار المرجعية: "إن الرئيس القادم للحزب يجب أن تتوفر فيه مواصفات: الكفاءة، النزاهة، الاستقامة، والوفاء، والإخلاص، وحسن السيرة، لكن أهم شيء أن يزكيه الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني".
فهل توفرت تلك المواصفات في صاحب "خيمة الحق" الذي نصبه "تيار المرجعية" على رأس الحزب دون انتخاب، ونال تزكية الرئيس غزواني؟
-
هل نهض "تيار المرجعية" بالحزب إلى المستوى المطلوب ليخدم الأمة؟ أم هبط به إلى الحضيض ليفرقها ويهلك الحرث والنسل خدمة لمصالحه الضيقة ومصالح سادته المفسدين؟
وباختطاف "تيار المرجعية" لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية والبرلمان بتوجيه ودعم من القصر، حقق المفسدون ثلاثة أهداف ثمينة هي:
- الاستحواذ على أكبر وأقوى سلاحين في يد الأغلبية وفصلهما فصلا تاما عن قواعدهما الشعبية العريضة وتدميرهما تدميرا تاما؛ حيث أصبحا وكرا لمؤامرات ودسائس المفسدين.
- شق صفوف الأغلبية الحاكمة ونقل خلافاتها إلى العلن.
- تمكين ورفد الحملة الدعائية المغرضة ضد الرئيس وعشريته حيث أصبحت تصدر عن الحزب الحاكم والبرلمان بعد أن كانت تصدر عن الصحافة الصفراء والذباب الالكتروني!
وفي هذا الجو المشحون بالمؤامرات والغدر والافتراء على الرئيس وعشريته، وعلى وحدة أغلبيته، وبث روح الكراهية في صفوفها، كان لا بد للمنقلبين من إزاحة العقبات الدستورية والقانونية التي تقف عائقا في طريقهم!
3. الانقلاب على الدستور والقانون (الستون 60 محاميا)!
ولتعطيل الدستور وإلغاء العمل بالقانون جندوا - بقرار من وزير المالية- ستين (60) محاميا ضمت جميع النقباء السابقين والنقيب الممارس، ومحامين يقودون أحزابا تجهر بالعداء لرئيس الجمهورية السابق، وأساتذة جامعيين، ومهرجين أيضا؛ بصفة هذا الجمع الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ القضاء طرفا مدنيا يدافع عن الدولة في غير دعوى قضائية، وليتمثل دوره الحقيقي في:
- تحليل وتبييض انتهاك الدستور وخرق القوانين. فجوز مثلا تشكيل "لجنة تحقيق برلمانية". لأن ذلك جائز في فرنسا، ولأن النظام الداخلي للبرلمان، الذي وصفوه تارة بأنه مكمل للدستور، وتارة أخرى بأنه قانون نظامي، يجيز ذلك. كما جوزوا وأد المادة 93 من الدستور وتعطيل العمل بها لأن مثيلتها تم تعديلها في دستور فرنسا.
- تحليل وتبني جميع الخروق القانونية الصارخة التي تقترفها الهيئات القضائية عمدا تنفيذا للتعليمات العليا.
- فريق ضغط فرضته النيابة في المحاكم؛ ليشوش على القضاة ويبتزهم، وليسيء إلى المتهمين ودفاعهم، ويسب ويهين الجميع أمام أعين القضاة!
هذا بالإضافة إلى أن هذا الطرف المدني المحترم لم يستطع خلال خمس سنوات أن يحصل على تفويض صحيح من الدولة، ولم يقم بأي إجراء من إجراءات القيام بالحق المدني، ولم يثبت وجود أي ضرر حصل للدولة والهيئات التي يدعي تمثيلها، ولا علاقة سببية تربطه - إن وجد- بالرئيس السابق، ولم يضع يده ولا يد الدولة على ما زعم وروج وجوده بالباطل!
وسأكتفي بهذا القدر في هذا المقام رغم كثرة ما يجب أن يقال فيه. ذلك أن "الطرف المدني المزعوم" بند من بنود هذه الندوة، وستتم معالجته على حدة من طرف أحد الزملاء الأعزاء.
جمعة, 2025/11/14 - 08:59