انتقل إلى رحمة الله في فرنسا، حيث كان يتعالج من داء ألمَّ به؛ أخي ورفيقي وصديقي العزيز محمد فاضل ولد الداه!
وكم وددت وتمنيت عندما جاءني نعيه أن أكون في مقدمة مستقبلي جثمانه الطاهر في أرض الوطن، والمصلين عليه ومشيعيه إلى مثواه الأخير. وذلك لأسباب تختلف كليا عن أسباب الآخرين! أسباب نعرفها ونقدرها كلانا، وتعرفها كذلك وترعاها ثلة من أصدقاء الزمن الغابر، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر! ولكن الله شاء غير ذلك، فقد كنت خارج البلاد!
ولد عيدّلها يروي أحداث حركة 16 مارس (ح4/4)
نقلنا آخر الليل إلى ما ظننته المشانق، وبعد حوالي ساعة من السير إذا بنا في الجريّدة مع إشراق الصباح، وإذا بالمحامين أمامنا. وهناك أخبرنا ابراهيم ولد مُخْتَيِّرْ بأن محاكمة ستجري بحضور المحامين ولن يجري إلا خير، وأبدى عسكريون امتعاضهم قائلين إن ما عوملنا به لم يسبق أن عوملت البوليساريو بمثله في السوء والخشونة.
بعد ارتفاع الضحى أدخلونا مصفدين إلى قاعة المحاكمة - وكان الكثير من الجنود يبكون- وبدؤوا النداء بأسمائنا، وكانت الإجراءات مشددة، وكان أحمد سالم يشجعنا – نحن الشباب- بقوله: إنما هي رُصَيِّصَةٌ ولن يشعر بها أحد! ولم يتح لنا اللقاء مع محامينا إلا أنني رأيت يعقوب جلو في "لاندروفر" عسكرية. وقد آزرنا فريق من أبرز المحامين، منهم – بالإضافة إلى يعقوب جلو- محمد شين وأحمد ولد يوسف ولد الشيخ سيديا وحمدي ولد المحجوب وبال وجكنا.. وآخرون. ولم يألوا جميعا جهدا في الدفاع عنا.
في حلول عيد الفطر المبارك
كيف نحتفل ونحتفي بعيد، وقد بلغت قلوبنا الحناجر، وتفطرت أكبادنا، وجرت دماؤنا أنهارا، وتردينا في حضيض الهوان:
* حرب إبادة وتجويع وتدمير في غزة عمرها الآن ستة أشهر، وما تزال متواصلة تحصد البشر وتدمر الحجر والمدر على مرأى ومسمع من عالم فاجر وعاجز عن فعل شيء في مواجهة طغيان إسرائيل!
* المسجد الأقصى المبارك والضفة الغربية مستباحان تحت سنابك جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين الهمج!
ولد عيدّلها يروي أحداث حركة 16 مارس (ح3 / 4)
عبرنا النهر إلى بلادنا فوجدنا بانتظارنا ثلاث سيارات لاندروفر من النوع الذي يستخدمه الجيش بموريتانيا وقد صبغت بألوان التمويه المستخدمة لدى الجيش كذلك، وعلى متونها ثلاثة أشخاص في زي مدني ولكن يبدو أنهم ضباط جاؤوا من الداخل لأنهم قدموا التحية العسكرية إلى قيادتنا وسلمونا السيارات وانصرفوا مصطحبين الثياب المدنية التي كنا نرتديها بينما ارتدينا نحن الزي العسكري، وكانت قد قدمت إلينا مع أسلحتنا ثياب مطابقة لما يرتديه الجيش الموريتاني، وبما أن قائدينا معروفان فقد تقنع كل منهما بلثام، بينما ظلت البقية سافرة الوجوه وتعتمر قبعات فقط. ولم يضع الضباط منا ما يشير إلى رتبهم العسكرية، وهو عرف متبع في مثل هذه الحال.. وانطلقنا بكامل أهبتنا العسكرية.